بوابةٌ – عندَ الدخولِ – وسُلَّمُ
ويدٌ محاولةٌ …
ونطقٌ أبكَمُ
وترقبٌ كالجذرِ
أَوغَلَ نفسَهُ في تربةِ الأشياءِ إذْ تتوهَمُ
رعبٌ مباحٌ في الطريقِ ..
كأنَّما
مِنْ خلفها وقَفَتْ هُناكَ جَهنَّمُ
نَشِفَتْ قناديلُ الحياةِ بوجهها
وتَشَعَّبَ الموتى بها
وتبرعموا
قلَقٌ يُهدِّئُ روعَهُ ..
فيهزُّهُ قلقٌ ..
كما هزَّتْ بجذعٍ مريمُ
وكأنما بدأَ الوجودُ مخاضَهُ
ويَشُدُّهُ للمستحيلِ توحُّمُ
وَتَفتَّحَتْ ..
دخلَ النشوءُ بِسِفْرِه حَذِراً ..
يُبَعثِرُ صُنعَهُ ويُلملِمُ
أرجوحُةُ الخلقِ القديمِ
تثاءَبتْ في الأُفْقِ …
معقودٌ بهزّتها الدمُ
وَتحركَتْ ..
سَقَطتْ بلادٌ مِنْ يدٍ في الغيبِ
طينٌ عابسٌ مُتَبَسِّمُ
نهرانِ مِنْ عسلِ السَّماءِ
ونخلُهُاقاماتُ مَنْ نحو البلابلِ يمَّمُوا
رملٌ عِنادٌ ..
صمتُ حقلٍ يابسٍ
أيضاً عِنادٌ ..طفلةٌ تتلعثمُ
كلٌ عِنادٌ ..
إنَّ أرضاً كالتي وقَفَتْ
-إلى عَدَمٍ أتى-
تتبسَّمُ
أحرى بأّنْ يروي حكايةَ خَلقِها
وجعٌ عراقيٌ
وصَبرٌ مُحْكَمُ
وطنٌ عميقٌ كالهدوءِ
وطبعُهُ في كُلِّ أحقابِ النزيفِ مُطَلسَمُ
ألمٌ نبيٌ ..
ذائبٌ في وحيهِ
وبِهِ كتابُ الثابتينَ سَيُختَمُ
هوَ في غِيابِ اللفظِ
بذرُفصاحةٍ
نضَجَتْ مواسِمُه وحانَ تكلُّمُ
لوناً
على الأشكالِ ينثُرُ نفسَهُ
وعبارةٌ في اللاكلامِ تُتَرجَمُ
نَفَضَتْ قميصَ الكائناتِ يدٌ لهُ
فتَبصَّرَ المُتَحَيرونَ
وقَدْ عَمُوا
لمَّا رَأَوا جُرحاً
يُخَبِّئُ نفسَهُ خَجَلاً ..
وجُرحاً عامداً يَتَكتَّمُ
ورأَوا نخيلَ اللهِ يذرِفُ سُكَّراً
فرحُ الضفافِ بهِ هناك يُرمَمُّ
وتلمَّسوا حُلماً ببالِ صِغارِهِ
فتبَللَّوا تمراً
وذابَ بِهِمْ فَمُ
ورَأَوا مَلائكِةً تُضَمِّدُ نزفَهُ
صَلُّوا على نزفِ العراقِ وسَلَّموا
مُنذُ ابتكارِ الدمعةِ الأولى…
هُنا… نايٌ
بما لَهَجَ الجنوبُ يُتَمتِمُ
عَبَرتْ مواويلُ البلادِ برأسِهِ
وغفا بأغنيةِ الشَواطئِ يَحْلمُ
وَيمُرُّ في مَهَلٍ بموجِ منامِهِ
ضوءٌ
على جُرفِ المَسَا مُتَثَلِّمُ
وَيخاطِبُ العُشَّاقَ ..
مَنْ صَنَعَ الندى؟
فيجيُبُه وردُ الصباحِ : همو ..همو
أَهْلي غَمامٌ مَرَّ في لُغةِ السَّما
قِيلوا …فَجَاءَتْ للخليقةِ زَمزَمُ
كانوا وقَد رَسَمَ الإلهُ بلادَهُمْ
ذوقاً على قَدَرِ النخيلِ يُصَمَّمُ
نَقُّوا نوايا النورِ
وانسكبوا بها سِلْمَاً..
يُطارِدُه أَذىً لايسأَمُ
هَمَسَ العراقُ بروحِهِمْ فَتَحَولوا أُفُقا
وعانَقَهُم حَمَامٌ مُغرَمُ
وتشَرَّبوا صِفةَ الكمالِ
كأَنهمْ ماكانَ ينقُصُهم
سوى أَنْ يُفهَموا
لكنَّما داءُ الزمانِ بفهمِهِ
ولربَّما يُفتي البليدُ ويَحكُمُ
مَا ملَّ جَبَّارٌ هنا مِنْ موتهم
إلا وسلَّمَهم لِمَنْ لا يَرحمُ
وتدورُ دائرةُ الفناءِ
وصوتُها ملءَ استماعِ الذاهلينَ يُدَمدِمُ
فَتلفُّ جيلاً بعدَ جيلٍ
دونَ أَنْ تُحصي لِمَنْ فيها يُلَفُّ ويُبرَمُ
خمسونَ ؟
لا.. ستونَ؟
لا عددٌ بها
يدري بما اقترفَ الطغاةُ ويجزمُ
هذا جُزَيءٌ مِن حكايتهم
وقَدْ يَخفى على المفجوعِ ماهوَ أَعظَمُ
ويغُصُّ فيهم كلُّ دهرٍ حيرةً
أذ كيفما صاغَ البلاءَ
تأقلموا
فَهُمُ الذينَ مِنَ الظلامِ وجوهُهُم نَفَذَتْ
تراودها السما والأنجُمُ
وَهُمُ الذينَ إذا يشِحُّ هواؤهم
عَصَروا رئاتِ الكونِ
ثُمَّ تَنَسَّموا
وَهُمُ الذينَ إذا تَطَوَّرَ قيدُهُم
ضَحِكوا..
فَمَقدرةُ القيودِ تَوَّهُمُ
وَهُمُ الذينَ إذا يَشِطُّ بِهِم أذى
يَتَرَّنمونَ
كأَنهم قَد نُعِّمُوا
جَازوا مفازاتِ التَشابُهِ كلَّها
وَبمنتهى معنى التناقُضِ خَيَّموا
وكذا سياقُ الماءِ ..
في جَرَيانِهِ عَذِبٌ ..
وموتٌ في السيولِ مُحَتَّمُ
خَرَجوا مِنَ اللُّغَةِ الخرابِ
قلوبُهُمْ بيضاءُ
طافَ بِها سلامٌ مُحرِمُ
يَتَناغَمونَ معَ النسيمِ
فإنَّهم لِصدورِ مَنْ فَقَدوا السكينةَ مَرْهَمُ
هذا العراقُ ..
على امتدادِ نَزيفهِ
في طينةِ التكوينِ جُرحٌ معْلَمُ
جُرحٌ يؤسِّسُ للسلامِ كأنه
وحقيقةَ العشقِ المقدسِ توأمُ